فصل: أوّلاً: المرسل مراداً به الرّسول

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


مُرَاهَقَة

التّعريف

1 - المراهقة لغةً مصدر يقال‏:‏ راهق الغلام مراهقةً‏:‏ قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للمراهقة عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

البلوغ‏:‏

2 - من معاني البلوغ لغةً‏:‏ الوصول‏,‏ ومن معانيه إدراك سنّ التّكليف الشّرعيّ‏,‏ يقال‏:‏ بلغ الصّبي‏:‏ احتلم وأدرك وقت التّكليف‏,‏ وكذلك بلغت الفتاة‏.‏

واصطلاحاً عرّفه الحنفيّة بأنّه انتهاء حدّ الصّغر‏.‏

وعرّفه المالكيّة بأنّه قوّة تحدث للشّخص تنقله من حالة الطفوليّة إلى حال الرجوليّة‏.‏ والصّلة بين المراهقة والبلوغ أنّ المراهقة تسبق البلوغ‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمراهق

عورة المراهق

3 - ذكر الفقهاء في الجملة عورة المراهق في أحكام العورة مطلقاً ولم يخصوه بحكم فيها‏,‏ لكنّ بعضهم خصّه بحكم في بعض مسائل العورة‏.‏

فقال الحنفيّة‏:‏ مراهقة صلّت عريانةً أو بغير وضوءٍ تؤمر بالإعادة‏,‏ وإن صلّت بغير قناعٍ فصلاتها تامّة استحساناً‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ ندب لحرّة صغيرةٍ ستر عورةٍ في الصّلاة كالواجب على الحرّة البالغة فإن كانت مراهقةً وصلّت بغير قناعٍ أعادت الصّلاة في الظهرين للاصفرار‏,‏ وفي المغرب والعشاء للطلوع‏,‏ وقال سحنون‏:‏ لا إعادة عليها‏,‏ وأمّا غير المراهقة كبنت ثماني سنين فلا خلاف في المذهب أنّها تؤمر بأن تستر من نفسها ما تستره الحرّة البالغة ولا إعادة عليها إن صلّت مكشوفة الرّأس أو بادية الصّدر‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ عورة حرّةٍ مراهقةٍ ومميّزةٍ ما بين السرّة والركبة‏,‏ ويستحب استتارهما كالحرّة البالغة احتياطاً‏.‏

نظر المراهق إلى الأجنبيّة

4 - نصّ الشّافعيّة على أنّ المراهق في نظره للأجنبيّة كالبالغ فيلزم الوليّ منعه منه ويلزمها الاحتجاب منه لظهوره على العورات‏,‏ وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء‏}‏‏.‏

والثّاني‏:‏ وهو مقابل الأصحّ‏:‏ له النّظر كالمَحْرم‏.‏

تزويج المجنون المراهق

5 - نصّ الشّافعيّة على أنّه لا يزوّج مجنون ذكر صغير - أي لا يجوز ولا يصح - ولو مراهقاً واحتاج إلى الخدمة وظهر على عورات النّساء لأنّه لا يحتاج إلى الزّواج في الحال‏,‏ وبعد البلوغ لا يُدرى كيف يكون الأمر‏.‏

قسم المراهق بين زوجاته

6 - قال الفقهاء‏:‏ إنّ القسم للزّوجات مستحق على كلّ زوجٍ وإن كان مراهقاً‏,‏ واشترطوا لاستحقاق القسم عليه أن يكون ممّن يمكنه الوطء‏.‏

وللتّفصيل‏:‏ ‏(‏ر‏:‏ قسم الزّوجات ف 8 - 9‏)‏‏.‏

طلاق المراهق

7 - قال النّووي‏:‏ لا يقع طلاق صبيٍّ ولا مجنونٍ لا تنجيزاً ولا تعليقاً لعدم التّكليف‏,‏ فلو قال مراهق‏:‏ إذا بلغت فأنت طالق فبلغ‏,‏ أو قال أنت طالق غداً فبلغ قبل الغد فلا طلاق‏.‏

تحليل المراهق المطلّقة ثلاثاً

8 - نصّ الحنفيّة وهو قول بعض أصحاب مالكٍ على أنّ المطلّقة ثلاثاً يحلها وطء من تزوّجها بعقد صحيحٍ ولو مراهقاً يجامع مثله‏.‏

ونقل ابن عابدين أنّ المراهق هو الدّاني من البلوغ‏,‏ ولا بدّ أن يطلّقها بعد البلوغ لأنّ طلاقه - أي قبل البلوغ - غير واقعٍ‏,‏ وقيّد المراهق بأنّه الّذي يجامع مثله، وقيل‏:‏ هو الّذي تتحرّك آلته ويشتهي النّساء‏.‏

ولم يعبّر الشّافعيّة بلفظ المراهق ولكن عبّروا بكونه ممّن يمكن جماعه لا طفلاً لا يتأتّى منه ذلك‏.‏

اعتبار المراهق مَحْرماً

9 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة وهو الظّاهر من مذهب المالكيّة إلى اعتبار المراهق كالبالغ الّذي لا يجوز للمرأة السّفر إلا برفقته إن كان من محارمها‏.‏

وخالف في ذلك الحنابلة فاشترطوا أن يكون المَحْرم بالغاً عاقلاً‏,‏ قال ابن قدامة‏:‏ قيل لأحمد فيكون الصّبي مَحْرماً ‏؟‏ قال‏:‏ لا حتّى يحتلم‏,‏ لأنّه لا يقوم بنفسه فكيف يخرج مع امرأةٍ وذلك لأنّ المقصود بالمَحرم حفظ المرأة ولا يحصل إلا من البالغ العاقل‏.‏

شهادة المراهق

10 - قال ابن قدامة‏:‏ لا ينعقد - أي النّكاح - بشهادة صبيّين لأنّهما ليسا من أهل الشّهادة ويحتمل أن ينعقد بشهادة مراهقين عاقلين‏.‏

مُرْتابة

التّعريف

1 - المرتابة في اللغة‏:‏ اسم فاعلٍ فعله ارتاب‏,‏ يقال ارتاب‏:‏ شكّ‏,‏ وارتاب به‏:‏ اتّهمه‏,‏ ومنه قولـه تعالى‏:‏ ‏{‏أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِم وَرَسُولُهُ‏}‏ وحديث‏:‏ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وأرابني الشّيء‏:‏ إذا رأيت منه ريبةً وهي التهمة‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الاستبراء‏:‏

2 - الاستبراء في اللغة‏:‏ طلب البراءة‏,‏ ومن معانيه طلب براءة رحم المرأة من الحمل بأخذ ما يستبرأ به‏,‏ وهو الاستقصاء والبحث عن كلّ أمرٍ غامضٍ‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والاستبراء يكون سبباً لزوال الارتياب‏.‏

الحكم الإجمالي

يتعلّق بالمرتابة أحكام منها‏:‏

أ - ارتياب المعتدّة بوجود حملٍ‏:‏

3 - معنى ارتياب المعتدّة بوجود حملٍ‏:‏ أن ترى أمارات الحمل وهي في عدّة الأقراء أو الأشهر من حركةٍ أو نفخةٍ ونحوهما‏,‏ وشكّت هل هو حمل أم لا ‏؟‏ وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوالٍ تفصيلها في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدّة ف 27‏)‏‏.‏

ب - عدّة المرتابة بانقطاع الدّم‏:‏

4 - ذهب الفقهاء إلى أنّ المرتابة الّتي كانت تحيض ثمّ ارتفع حيضها دون حملٍ ولا يأسٍ إذا فارقها زوجها وانقطع دم حيضها فإمّا أن يكون لعلّة تعرف أو لعلّة لا تعرف‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدّة ف37‏)‏‏.‏

ج - حكم مراجعة المرتابة‏:‏

5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ للزّوج أن يراجع زوجته المطلّقة طلاقاً رجعياً ما دامت في العدّة‏,‏ إلا أنّ الحكم يختلف فيما إذا انقضت عدّتها ثمّ ارتابت بما رأته من أمارات الحمل من حركةٍ في البطن أو نفخةٍ فيه أو نحو ذلك‏.‏

فنصّ الشّافعيّة على أنّه لو راجعها الزّوج قبل زوال الرّيبة وقفت الرّجعة‏,‏ ويحرم عليه قربانها‏,‏ فإن بان حمل صحّت الرّجعة وبقيت الزّوجيّة وإلا فلا‏,‏ وإن بان أن لا حمل بها فالرّجعة باطلة‏,‏ وإن عجل فأصابها فلها المهر بما أصاب منها‏,‏ وتستقبل عدّةً أخرى‏,‏ ويفرّق بينهما وهو خاطب‏.‏

مَرْتَبة

التّعريف

1 - من معاني المرتبة في اللغة‏:‏ المنزلة والمكانة أو المنزلة الرّفيعة أو كل مقامٍ شديد وهي مفعلة من رتب إذا انتصب قائماً‏,‏ وجمع المرتبة‏:‏ مراتب‏.‏

وفي الحديث‏:‏ «من مات على مرتبةٍ من هذه المراتب بعث عليها» والمرتبة هنا‏:‏ المنزلة الرّفيعة‏,‏ وأراد بها عليه الصّلاة والسّلام‏:‏ الغزو‏,‏ والحجّ ونحوهما من العبادات الشّاقّة واستعمل الفقهاء المرتبة بمعنى الدّرجة‏.‏

ما يتعلّق بالمرتبة من أحكامٍ

أ - مراتب الشّهادة‏:‏

2 - ذهب الفقهاء إلى أنّ للشّهادات ثلاث مراتب وذلك من حيث عدد الشهود‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏شهادة ف 29 وما بعدها‏)‏‏.‏

ب - مراتب تغيير المنكر‏:‏

3 - لتغيير المنكر مراتب، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده‏,‏ فإن لم يستطع فبلسانه‏,‏ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»‏.‏

وللتّفصيل راجع مصطلح‏:‏ ‏(‏حسبة ف 42‏)‏‏.‏

ج - مراتب اختبار رشد الصّغير‏:‏

4 - يختلف اختبار رشد الصّغير باختلاف المراتب‏.‏

ويختبر ولد التّاجر بالبيع والشّراء والمماكسة فيهما‏.‏

ويختبر ولد الزّارع بالزّراعة‏,‏ والنّفقة على القوّام فيها، أي إعطائهم الأجرة وهم الّذين استؤجروا على القيام بمصالح الزّرع‏.‏

ويختبر ولد المحترف بما يتعلّق بحرفة أبيه وأقاربه‏.‏

وتختبر المرأة بما يتعلّق بالغزل والقطن من حفظٍ وغيره‏,‏ وصون الأطعمة ونحوها‏.‏ والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏صغر ف 39 وما بعدها‏)‏‏.‏

د - مراتب خصال الكفّارة في الظّهار والفطر في رمضان‏:‏

5 - تختلف مراتب خصال الكفّارة باختلاف موجب الكفّارة - لكفّارة الظّهار والفطر في رمضان بجماع أثم به بسبب الصّوم أو بأكل أو شربٍ على اختلافٍ بين الفقهاء فيما عدا الجماع - ثلاث مراتب‏:‏

عتق رقبةٍ مؤمنةٍ سليمةٍ من العيوب المخلّة بالعمل‏.‏

فإن عجز عن العتق صام شهرين متتابعين‏.‏

فإن عجز عن الصّوم لمرض أو لغيره أطعم ستّين مسكيناً أو فقيراً ستّين مداً لكلّ واحدٍ منهم مد‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏ظهار ف 28 وصوم ف 89‏)‏‏.‏

هـ - مراتب خصال كفّارة القتل‏:‏

6 - خصال كفّارة القتل مرتّبة ككفّارة الظّهار‏,‏ ولكن لا إطعام فيها‏,‏ اقتصاراً على الوارد في إعتاق رقبةٍ‏.‏

فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‏.‏

فإن عجز فلا إطعام‏.‏

إذ المتّبع في الكفّارات النّص لا القياس‏,‏ ولم يذكر اللّه تعالى في كفّارة القتل غير العتق والصّيام‏.‏

وفي قولٍ عند الشّافعيّة يطعم ستّين مسكيناً أو فقيراً عند العجز عن الصّوم كالظّهار‏.‏

و - مراتب الفقهاء‏:‏

7 - قال ابن عابدين نقلاً عن ابن كمال باشا‏:‏ الفقهاء على سبع مراتب‏:‏

الأولى‏:‏ طبقة المجتهدين في الشّرع كالأئمّة الأربعة رضي الله عنهم ومن سلك مسلكهم في تأسيس قواعد الأصول وبه يمتازون عن غيرهم‏.‏

الثّانية‏:‏ طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمّدٍ وسائر أصحاب أبي حنيفة القادرين على استخراج الأحكام من الأدلّة على مقتضى القواعد الّتي قرّرها أستاذهم أبو حنيفة في الأحكام‏,‏ وإن خالفوه في بعض أحكام الفروع لكن يقلّدونه في قواعد الأصول‏.‏ الثّالثة‏:‏ طبقة المجتهدين في المسائل الّتي لا نصّ فيها عن صاحب المذهب كالخصّاف وأبي جعفرٍ الطّحاويّ وأبي الحسن الكرخيّ وأمثالهم‏,‏ فإنّهم لا يقدرون على شيءٍ من المخالفة لا في الأصول ولا في الفروع‏,‏ لكنّهم يستنبطون الأحكام في المسائل الّتي لا نصّ فيها على حسب الأصول والقواعد‏.‏

الرّابعة‏:‏ طبقة أصحاب التّخريج من المقلّدين كالرّازيّ وأضرابه، فإنّهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلاً‏,‏ لكنّهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمآخذ يقدرون على تفصيل قولٍ مجملٍ ذي وجهين وحكمٍ مبهمٍ محتملٍ لأمرين‏,‏ فيقول عن صاحب المذهب أو أحدٍ من أصحابه برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع‏.‏

الخامسة‏:‏ طبقة أصحاب التّرجيح من المقلّدين كأبي الحسن القدوريّ وصاحب الهداية وأمثالهما‏,‏ وشأنهم تفضيل بعض الرّوايات على بعضٍ‏,‏ كقولهم‏:‏ هذا أولى وهذا أصح روايةً‏,‏ وهذا أرفق للنّاس‏.‏

السّادسة‏:‏ طبقة المقلّدين القادرين على التّمييز بين الأقوى والقويّ والضّعيف وظاهر المذهب والرّاوية النّادرة‏,‏ كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخّرين‏,‏ مثل صاحب الكنز‏,‏ صاحب المختار‏,‏ وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والرّوايات الضّعيفة‏.‏

السّابعة‏:‏ طبقة المقلّدين الّذين لا يقدرون على ما ذكر ولا يفرّقون بين الغثّ والسّمين‏.‏

مُرَتّب

انظر‏:‏ راتب‏.‏

مُرتد

انظر‏:‏ ردّة‏.‏

مَرْجُوح

التّعريف

1 - المرجوح في اللغة‏:‏ اسم مفعولٍ‏,‏ من رجح الشّيء يرجَحُ ويرجِحُ‏,‏ ويرجُحُ رجوحاً‏,‏ ورُجْحاناً‏.‏

ورجح بمعنى‏,‏ ثَقُل ومال‏,‏ ورجح عقله‏:‏ اكتمل‏,‏ ورجح الرّأي غلب على غيره‏.‏

والّذي يفهم من كلام الأصوليّين‏:‏ أنّ المرجوح ما كان دليله أضعف من غيره المقابل له‏.‏ حكم العمل بالمرجوح‏:‏

2 - قال الزّركشي‏:‏ إذا تحقّق التّرجيح وجب العمل بالرّاجح وإهمال الآخر‏,‏ لإجماع الصّحابة على العمل بما ترجّح عندهم من الأخبار‏.‏

وأنكر بعضهم التّرجيح في الأدلّة كما ينبغي في البيّنات‏,‏ وقال‏:‏ عند التّعارض يلزم التّخيير أو الوقف‏.‏

ثمّ قال الزّركشي‏:‏ المرجوح هل هو كالعدم شرعاً أم نجعل له أثراً ‏؟‏ يخرج من كلامهم فيه خلاف‏,‏ وكلام إمام الحرمين يقتضي الأوّل‏,‏ وكلام غيره يقتضي الثّاني‏,‏ وادّعى الإبياري أنّه المشهور‏,‏ وقال‏:‏ لو كان كالعدم لما ضعف الظّن بالرّاجح‏,‏ ولذلك لا يبقى الإنسان على ظنّه في الرّاجح‏,‏ بمثابة ما لو كان الرّاجح منفرداً بل ظناً بالرّاجح إذا لم يعارض أقوى من ظنّنا بعد المعارضة‏,‏ وخالف ابن المنير ونقل الإجماع على أنّ المرجوح ساقط الاعتبار‏,‏ والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

مَرْحَلة

التّعريف

1 - المرحلة واحدة المراحل‏:‏ وهي في اللغة‏:‏ المسافة الّتي يقطعها المسافر في نحو يومٍ‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ عرّفها الفقهاء بأنّها‏:‏ سير يومٍ أو ليلةٍ بسير الأثقال وقيّد الجمهور اليوم أو اللّيلة بالاعتدال أي ألا يكون من الأيّام أو اللّيالي الطّويلة أو القصيرة ويعتبر مع الاعتدال زمن صلاةٍ وأكلٍ ونحوه‏.‏

وقيّد الحنفيّة اليوم أو اللّيلة بأنّهما من أقصر أيّام السّنة وبالسّير المعتاد مع الاستراحة المعتادة‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - البريد‏:‏

2 - البريد في أصل اللغة‏:‏ الرّسول‏,‏ ومنه قول العرب‏:‏ الحمّى بريد الموت‏:‏ أي رسوله‏,‏ ثمّ استعمل في المسافة الّتي يقطعها المسافر وهي اثنا عشر ميلاً‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ البريد أربعة فراسخ‏,‏ والفرسخ ثلاثة أميالٍ‏.‏

والصّلة بين المرحلة والبريد أنّ كلاً منهما تقدّر به المسافات في الشّرع‏.‏

ب - الميل‏:‏

3 - من معاني الميل عند العرب‏:‏ أنّه مقدار مدى البصر من الأرض‏,‏ وهو عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراعٍ‏,‏ وعند المحدّثين أربعة آلاف ذراعٍ‏.‏

والخلاف لفظي لأنّهم اتّفقوا على أنّ مقداره ست وتسعون ألف أصبعٍ والإصبع ست شعيراتٍ‏,‏ ولكنّ القدماء يقولون‏:‏ الذّراع اثنتان وثلاثون إصبعاً والمحدّثون يقولون‏:‏ أربع وعشرون إصبعاً‏,‏ فإذا قسّم الميل على رأي القدماء كان المتحصّل ثلاثة آلاف ذراعٍ‏,‏ وإن قسّم على رأي المحدّثين كان المتحصّل أربعة آلاف ذراعٍ‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الميل ستّة آلاف ذراعٍ‏,‏ وقال الحنفيّة‏:‏ الميل أربعة آلاف ذراعٍ‏,‏ وقال المالكيّة‏:‏ الميل ثلاثة آلاف ذراعٍ وخمسمائةٍ على الصّحيح‏.‏ والصّلة‏:‏ أنّ كلاً من المرحلة والميل تقدّر به المسافات في الشّرع‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالمرحلة

اعتبر الشّارع المرحلة في مواضع منها‏:‏

أ - قصر الصّلاة الرباعيّة‏:‏

4 - قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ‏}‏ والمراد بالضّرب في الأرض‏:‏ السّفر‏,‏ وهو قطع مسافةٍ من الأرض‏,‏ وليس في الآية قدر المسافة الّتي يلزم قطعها ليقصر من الصّلاة‏.‏

ولكنّ جمهور الفقهاء قدّروها باعتبار المكان بأربعة بردٍ وهي ثمانية وأربعون ميلاً استناداً إلى بعض الآثار‏,‏ وباعتبار الزّمان بمرحلتين‏:‏ وهما سير يومين معتدلين بلا ليلةٍ‏,‏ أو ليلتين بلا يومٍ معتدلين أو يوم وليلة كذلك بسير الأثقال‏:‏ أي الحيوانات المثقلة بالأحمال‏,‏ ودبيب الأقدام على العادة المعتادة من النزول والاستراحة والأكل والصّلاة‏.‏

وعند الحنفيّة‏:‏ أقل ما تقصر فيه الصّلاة مسيرة ثلاثة أيّامٍ‏,‏ وقال‏:‏ السّرخسي‏:‏ قدّرها بعض مشائخنا بثلاث مراحل‏,‏ لأنّ المعتاد في السّفر في كلّ يومٍ مرحلة واحدة خصوصاً في أقصر أيّام السّنة‏,‏ وقدّر أبو يوسف أقلّ ما تقصر فيه الصّلاة بيومين والأكثر من اليوم الثّالث فأقام الأكثر من اليوم الثّالث مقام الكمال‏,‏ وقال السّرخسي‏:‏ ولا معنى بالتّقدير بالفراسخ‏,‏ فإنّ ذلك يختلف باختلاف الطرق في السهول والجبال‏,‏ والبحر والبرّ‏,‏ وإنّما التّقدير بالأيّام والمراحل‏,‏ لأنّ ذلك معلوم عند النّاس فيرجع إليهم عند الاشتباه‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏صلاة المسافر ف 11‏)‏‏.‏

ب - غيبة وليّ المرأة إلى مرحلتين‏:‏

5 - نصّ الشّافعيّة على أنّه إذا غاب الولي الأقرب للمرأة إلى مرحلتين ولا وكيل له حاضر بالبلد أو دون مسافة القصر‏,‏ زوّجها سلطان بلدها أو نائبه لا سلطان غير بلدها ولا الأبعد من العصبة على الأصحّ‏,‏ لأنّ الغائب ولي والتّزويج حق له‏,‏ فإذا تعذّر استيفاؤه منه ناب عنه الحاكم‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏غيبة ف 2‏)‏‏.‏

ج - جواز صرف الزّكاة لمن له مال غائب إلى مرحلتين‏:‏

6 - صرّح الشّافعيّة بأنّه يجوز صرف الزّكاة لمن له مال غائب بمسافة مرحلتين‏,‏ وله أخذها حتّى يصل إلى ماله‏,‏ لأنّه قبل ذلك معسر‏.‏

‏(‏ر‏:‏ فقير ف 4‏)‏‏.‏

د - اشتراط وجود الرّاحلة لوجوب الحجّ‏:‏

7 - نصّ الشّافعيّة على أنّ من شروط الحجّ وجود الرّاحلة إذا كان بين المكلّف وبين مكّة مرحلتان فأكثر‏,‏ فإذا لم يجد راحلةً فلا يجب الحج وإن كان قوياً يستطيع المشي‏,‏ أمّا إذا كان بينها وبينه دون مرحلتين وهو قادر على المشي يجب عليه الحج بالمشي‏.‏

‏(‏ر‏:‏ حج ف 14‏)‏‏.‏

مُرْسَل

التّعريف

1 - المرسل في اللغة‏:‏ اسم مفعولٍ من أرسل‏,‏ ومجرّده رسل‏,‏ والرّسل - بفتحتين - القطيع من الإبل‏,‏ والجمع أرسال‏.‏

وأرسلت رسولاً‏:‏ بعثته برسالة يؤدّيها‏,‏ وأرسلت الطّائر من يدي‏:‏ أطلقته‏,‏ وتراسل القوم‏:‏ أرسل بعضهم إلى بعضٍ رسولاً أو رسالةً‏.‏

والمرسَل‏:‏ يقتضي إطلاق غيره له‏,‏ والرّسول‏:‏ يقتضي إطلاق لسانه بالرّسالة‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ‏.‏

والمرسل عند الأصوليّين كما جاء في مسلّم الثبوت هو قول العدل‏:‏ قال عليه السّلام كذا‏,‏ وقال صاحب فواتح الرّحموت‏:‏ هذا اصطلاح الأصول‏,‏ والأولى أن يقال‏:‏ ما رواه العدل من غير إسنادٍ متّصلٍ ليشمل المنقطع‏.‏

وأمّا عند أهل الحديث فالمرسل قول التّابعيّ‏:‏ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأصحابه وسلّم كذا‏.‏

والمعضل ما سقط من إسناده اثنان من الرواة‏.‏

والمنقطع ما سقط واحد منها‏.‏

والمعلّق ما رواه من دون التّابعيّ من غير سندٍ‏.‏

والكل داخل في المرسل عند أهل الأصول‏.‏

وقد يطلق لفظ المرسَل ويراد به‏:‏ المصلحة المرسلة عند بعض الحنفيّة والمالكيّة‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الوكيل‏:‏

2 - من معاني الوكيل في اللغة‏:‏ الّذي يقوم بالأمر‏,‏ يقال‏:‏ وكيل الرّجل الّذي يقوم بأمره‏,‏ سمّي وكيلاً لأنّ موكّله قد وكّل إليه القيام بأمره والوكيل على هذا فعيل بمعنى مفعولٍ‏.‏

وقد يكون بمعنى فاعلٍ أي حافظ‏,‏ ومنه‏:‏ حسبنا اللّه ونعم الوكيل‏.‏

والوكيل اصطلاحاً‏:‏ القائم بما فوّض إليه فيما يقبل النّيابة‏.‏

والصّلة بين الوكيل والمرسل أنّ الوكيل قد يكون أعمّ من المرسل‏.‏

وقد ذكر ابن عابدين الفرق بين الوكيل والمرسل فقال‏:‏ قال في البحر‏:‏ وفي المعراج قيل‏:‏ الفرق بين الرّسول والوكيل أنّ الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكّل‏,‏ والرّسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل‏.‏

وفي الفوائد‏:‏ صورة التّوكيل أن يقول المشتري لغيره‏:‏ كن وكيلاً في قبض المبيع‏,‏ أو وكّلتك بقبضه‏,‏ وصورة الرّسول‏:‏ أن يقول‏:‏ كن رسولاً عنّي في قبضه أو أرسلتك لتقبضه‏,‏ أو قل لفلان‏:‏ أن يدفع المبيع إليك‏,‏ وقيل‏:‏ لا فرق بين الرّسول والوكيل في فصل الأمر بأن قال‏:‏ اقبض المبيع فلا يسقط الخيار‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ إنّ الرّسول لا بدّ له من إضافة العقد إلى مرسله لأنّه معبّر وسفير‏,‏ بخلاف الوكيل فإنّه لا يضيف العقد إلى الموكّل إلا في مواضع كالنّكاح والخلع والهبة والرّهن‏.‏

وجاء في المبسوط‏:‏ الرّسول ليس له إلا تبليغ الرّسالة‏,‏ فأمّا إتمام ما أرسل به ليس إليه كالرّسول بالعقد ليس إليه من القبض والتّسليم شيء‏.‏

ولم يفرّق المالكيّة بين المرسل والوكيل المخصوص‏,‏ وإنّما فرّقوا بين المرسل والوكيل المفوّض‏.‏

ما يتعلّق بالمرسل من أحكامٍ

أوّلاً‏:‏ المرسل مراداً به الرّسول

يتعلّق بالمرسل بهذا المعنى بعض الأحكام‏,‏ ومن ذلك‏:‏

أ - انعقاد التّصرفات‏:‏

3 - لو أرسل شخص رسولاً إلى رجلٍ‏,‏ وقال للرّسول‏:‏ إنّي بعت دابّتي هذه من فلانٍ الغائب بكذا‏.‏

فاذهب إليه وقل له‏:‏ إنّ فلاناً أرسلني إليك‏,‏ وقال لي‏:‏ قل له‏:‏ إنّي قد بعت دابّتي هذه من فلانٍ بكذا‏,‏ فذهب الرّسول وبلّغ الرّسالة‏,‏ فقال المشتري في مجلسه ذلك‏:‏ قبلت‏,‏ انعقد البيع‏,‏ لأنّ الرّسول سفير ومعبّر عن كلام المرسل‏,‏ ناقل كلامه إلى المرسل إليه‏,‏ فكأنّه حضر بنفسه فأوجب البيع وقبل الآخر في المجلس فانعقد البيع‏.‏

ونقل ابن عابدين عن النّهاية أنّ ذلك يجري أيضاً في الإجارة والهبة والكتابة‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلحي‏:‏ ‏(‏إرسال ف 9‏,‏ بيع ف 25‏)‏‏.‏

ب - الضّمان‏:‏

4 - قال الدّردير‏:‏ الرّسول إن كان رسول ربّ المال فالدّافع له يبرأ بالدّفع إليه ولو مات قبل الوصول‏,‏ ويرجع الكلام بين ربّ المال وورثة الرّسول‏,‏ فإن مات قبل الوصول رجع في تركته‏,‏ وإن مات بعده فلا رجوع‏,‏ ويحمل على أنّه أوصله لربّه‏,‏ وإن كان الرّسول رسول من عنده المال فلا يبرأ من أرسله إلا بوصوله لربّه ببيّنة أو إقرارٍ‏,‏ فإن مات قبل الوصول رجع مرسله في تركته‏,‏ وإن مات بعد الوصول فلا رجوع وهي مصيبة على المرسل‏.‏

قال الدسوقيّ‏:‏ أمّا إذا لم يمت المرسل وادّعى أنّه أوصلها للمرسل إليه‏,‏ والمرسل إليه ينكر ذلك‏,‏ لم يصدّق الرّسول إلا ببيّنة‏.‏

وفي كشّاف القناع‏:‏ لو كان لرجل على آخر دراهم‏,‏ فأرسل إليه رسولاً يقبضها‏,‏ فبعث إليه مع الرّسول ديناراً فضاع الدّينار مع الرّسول‏,‏ فالدّينار من مال الباعث‏,‏ وهو المدين فيضيع عليه‏,‏ لأنّ الوكيل لم يأمره المرسل بمصارفته‏,‏ إلا أن يخبر الرّسول الغريم أنّ ربّ الدّين أذن له في قبض الدّينار عن الدّراهم‏,‏ فيكون الدّينار من ضمان الرّسول لتغريره الغريم‏,‏ وينظر تفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏إرسال ف 11‏,‏ وديعة‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ المرسل مراداً به المهمل والمسيّب

5 - إذا كان المرسل غير إنسانٍ‏,‏ بأن كان حيواناً أو صيداً أطلقه صاحبه وسيّبه‏,‏ فقد اختلف الفقهاء في زوال ملك صاحبه عنه‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏سائبة ف 4 - 5‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ المرسل من الحديث

6 - اختلف العلماء في قبول الحديث المرسل والعمل به على أقوالٍ تفصيلها في مصطلح‏:‏ ‏(‏إرسال ف 3‏)‏‏.‏

رابعاً‏:‏ المرسل مراداً به المصلحة المرسلة

7 - ذهب الأصوليون إلى أنّ المناسب في القياس ثلاثة أقسامٍ‏:‏

قسم علم اعتبار الشّارع له‏,‏ وقسم علم إلغاؤه له‏,‏ وقسم لا يعلم اعتباره أو إلغاؤه‏,‏ قال الزّركشي‏:‏ وهو ما جهل حاله أي‏:‏ سكت الشّارع عن اعتباره وإهداره‏,‏ وهو المعبّر عنه بالمصالح المرسلة‏,‏ ويلقّب بالاستدلال المرسل‏,‏ ولهذا سمّيت مرسلةً أي‏:‏ لم تعتبر ولم تلغ‏,‏ وأطلق إمام الحرمين وابن السّمعانيّ عليه اسم الاستدلال‏,‏ وعبّر عنه الخوارزميّ بالاستصلاح‏,‏ وفيه مذاهب‏:‏

أ - منع التّمسك به مطلقاً وهو قول الأكثرين‏:‏

ب - الجواز مطلقاً وهو المحكي من مالكٍ‏.‏

ج - إن كانت المصلحة ملائمةً لأصل كلّيٍّ من أصول الشّرع أو لأصل جزئيٍّ جاز بناء الأحكام‏,‏ وإلا فلا‏,‏ ونسب للشّافعيّ‏.‏

د - اختيار الغزاليّ والبيضاويّ تخصيص الاعتبار بما إذا كانت المصلحة ضروريّةً قطعيّةً كلّيّةً‏,‏ فإن فات أحد هذه الثّلاثة لم يعتبر‏.‏

وينظر التّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏

خامساً‏:‏ المرسل مراداً به الواحد من رسل اللّه تعالى

8 - المرسل من اللّه تعالى يطلق على البشر المرسلين‏,‏ ويطلق أيضاً على الملائكة المرسلين إلى الرسل من البشر‏,‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَََلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ‏}‏‏.‏

ويجب على الرّسول من قبل اللّه تعالى تبليغ الدّعوة إلى المرسل إليهم لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ‏}‏‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏رسول ف 1‏,‏ 2 وما بعدها‏)‏‏.‏

مَرَض

التّعريف

1 - المرض في اللغة‏:‏ السّقم‏,‏ نقيض الصّحّة يكون للإنسان والحيوان‏.‏

والمرض أيضاً‏:‏ حالة خارجة عن الطّبع ضارّة بالفعل‏,‏ قال ابن الأعرابيّ‏:‏ أصل المرض النقصان‏.‏

وقال الفيروز آبادي‏:‏ المرض إظلام الطّبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها‏.‏

وفي اصطلاح الفقهاء‏:‏ حالة غير طبيعيّةٍ في بدنٍ الإنسان تكون بسببها الأفعال الطّبيعيّة والنفسانية والحيوانية غير سليمةٍ‏.‏

وقيل‏:‏ المرض ما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاصّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الصّحّة‏:‏

2 - الصّحّة في البدن حالة طبيعيّة تجرى الأفعال معها على المجرى الطّبيعيّ‏,‏ ورجل صحيح الجسد خلاف مريضٍ‏,‏ وجمعه أصحّاء‏.‏

والصّحّة عند الفقهاء كون الفعل مسقطاً للقضاء في العبادات‏,‏ أو سبباً لترتب ثمراته المطلوبة عليه شرعاً في المعاملات‏,‏ وبإزائه البطلان‏.‏

والعلاقة بين المرض والصّحّة البدنيّة الضّدّيّة‏.‏

ب - مرض الموت‏:‏

3 - مرض الموت مركّب من كلمتين‏:‏ مرض وموت‏.‏

أمّا المرض فقد سبق تعريفه‏,‏ والموت‏:‏ هو مفارقة الروح الجسد‏.‏

واختلف الفقهاء في تعريف مرض الموت اصطلاحاً‏,‏ ولكنّهم متّفقون على أن يكون المرض مخوفاً‏:‏ أي يغلب الهلاك منه عادةً أو يكثر‏,‏ وأن يتّصل المرض بالموت‏,‏ سواء وقع الموت بسببه أم بسبب آخر خارجيٍّ عن المرض كقتل أو غرقٍ أو حريقٍ أو غير ذلك‏.‏ وعلاقة المرض بمرض الموت عموم وخصوص‏,‏ إذ مرض الموت مرض وليس العكس‏.‏

ج - التّداوي‏:‏

4 - التّداوي لغةً‏:‏ مصدر تداوى أي‏:‏ تعاطى الدّواء‏,‏ وأصله دوى يدوي دوياً أي مرض‏,‏ وأدوى فلاناً يدويه بمعنى‏:‏ أمرضه‏,‏ وبمعنى عالجه أيضاً‏,‏ فهي من الأضداد‏.‏

ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة التّداوي عن هذا المعنى‏.‏

والصّلة أنّ التّداوي قد يكون بإذن اللّه تعالى سبباً للشّفاء وزوال المرض‏.‏

أقسام المرض

5 - قال ابن قدامة‏:‏ الأمراض على أربعة أقسامٍ‏:‏

القسم الأوّل‏:‏ مرض غير مخوفٍ مثل‏:‏ وجع العين‏,‏ والضّرس والصداع اليسير‏,‏ وحمّى ساعةٍ‏,‏ فهذا حكم صاحبه حكم الصّحيح لأنّه لا يخاف منه في العادة‏.‏

القسم الثّاني‏:‏ الأمراض الممتدّة كالجذام وحمّى الرّبع - وهي الّتي تأخذ يوماً وتذهب يومين وتعود في الرّابع - والفالج في انتهائه‏,‏ والسل في ابتدائه‏,‏ والحمّى الغب‏,‏ فهذا القسم‏:‏ إن كان صاحبها يذهب ويجيء‏,‏ ولم يكن صاحب فراشٍ فعطاياه كالصّحيح من جميع المال‏,‏ وإن أضنى صاحبها على فراشه فهي مخوفة عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في المذهب‏,‏ وبه يقول الأوزاعي وأبو ثورٍ لأنّه مريض صاحب فراشٍ يخشى التّلف فأشبه صاحب الحمّى الدّائمة‏.‏

وذهب الشّافعي في صاحب الأمراض الممتدّة وهو وجه عند أبي بكرٍ من الحنابلة أنّ عطيّته من صلب المال‏,‏ لأنّه لا يخاف تعجيل الموت فيه وإن كان لا يبرأ‏,‏ فهو كالهرم‏.‏

القسم الثّالث‏:‏ مرض مخوف يتحقّق تعجيل الموت بسببه فينظر فيه‏:‏ فإن كان عقله قد اختلّ مثل من ذبح أو أبينت حشوته‏,‏ فهذا كميّت لا حكم لكلامه ولا لعطيّته‏,‏ لأنّه لا يبقى له عقل ثابت‏,‏ وإن كان ثابت العقل كمن خرقت حشوته أو اشتدّ مرضه ولكن لم يتغيّر عقله صحّ تصرفه وتبرعه‏,‏ وكان تبرعه من الثلث‏,‏ فإن عمّر رضي الله عنه خرجت حشوته فقبلت وصيّته ولم يختلف في ذلك أحد‏,‏ وعلي رضي الله عنه بعد ضرب ابن ملجمٍ أوصى وأمر ونهى فلم يحكم ببطلان قوله‏.‏

القسم الرّابع‏:‏ مرض مخوف لا يتعجّل موت صاحبه يقيناً لكنّه يخاف ذلك كالبرسام - هو بخار يرتقي إلى الرّأس‏,‏ ويؤثّر في الدّماغ‏,‏ فيختل عقل صاحبه - ووجع القلب والرّئة وأمثالها‏,‏ فإنّها لا تسكن حركتها‏,‏ فلا يندمل جرحها‏,‏ فهذه كلها مخوفة سواء كان معها حمّى أو لم يكن‏.‏

وأمّا ما أشكل أمره فصرّح جمهور الفقهاء بأنّه يرجع إلى قول أهل المعرفة‏,‏ وهم الأطبّاء‏,‏ لأنّهم أهل الخبرة بذلك والتّجربة والمعرفة‏,‏ ولا يقبل إلا قول طبيبين‏,‏ مسلمين‏,‏ ثقتين‏,‏ بالغين‏,‏ لأنّ ذلك يتعلّق به حق الوارث وأهل العطايا فلم يقبل فيه إلا ذلك‏.‏

وخلاصة القول‏:‏ أنّ المرض المخوف بأنواعه إن اتّصل به الموت كان مرض الموت ويجري عليه أحكام مرض الموت‏,‏ وأمّا إن لم يتّصل به الموت‏,‏ بأن صحّ من مرضه‏,‏ ثمّ مات بعد ذلك فحكمه حكم الصّحيح‏,‏ لأنّه لمّا صحّ بعد المرض تبيّن أنّ ذلك لم يكن مرض الموت‏.‏

ولتفصيل الأحكام المترتّبة على مرض الموت‏,‏ والحالات الّتي تلحق به يرجع إلى مصطلح‏:‏ ‏(‏مرض الموت‏)‏‏.‏

أحكام المرض

الرخص المتعلّقة بالمرض

6 - الأصل أنّ المرض لا ينافي أهليّة الحكم - أي ثبوت الحكم ووجوبه على الإطلاق - سواء كان من حقوق اللّه أو العباد‏,‏ ولا أهليّة العبارة - أي التّصرفات المتعلّقة بالحكم - إذ لا خلل في الذّمّة والعقل اللّذين هما مناط الأحكام‏,‏ ولهذا صحّ نكاح المريض وطلاقه وإسلامه‏,‏ وانعقدت تصرفاته كالبيع والشّراء وغير ذلك - كما سيأتي - إلا أنّه لمّا كان فيه نوع من العجز شرعت العبادات فيه على حسب القدرة الممكنة‏,‏ وأخّر ما لا قدرة عليه أو ما فيه حرج‏.‏

وفيما يلي بيان ذلك‏:‏

أوّلاً‏:‏ جواز التّيمم مع وجود الماء للمرض

7 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ المريض إذا تيقّن التّلف باستعمال الماء في الطّهارة فإنّه يجوز له التّيمم‏,‏ واختلفوا في الخوف المبيح للتّيمم‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏تيمم ف 21 وما بعدها‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ المسح على الجبيرة

8 - لا خلاف بين الفقهاء في جواز المسح على الجبيرة بشروطها‏.‏

وينظر تفصيل ذلك‏,‏ وكذلك كيفيّة تطهر واضع الجبيرة وما ينقض المسح على الجبيرة‏,‏ والفرق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفّ في مصطلح‏:‏ ‏(‏جبيرة ف 4 - 8‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ كيفيّة صلاة المريض واستقبال القبلة

9 - الأصل في المصلّي أن يصلّي قائماً غير مستندٍ إلى شيءٍ‏,‏ فإن تعذّر عليه القيام لمرض صلّى قائماً مستنداً‏,‏ ثمّ جالساً مستقبلاً‏,‏ ثمّ جالساً مستنداً‏,‏ ثمّ مضطجعاً على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه‏,‏ ثمّ مستلقياً على ظهره مستقبل القبلة برجليه‏,‏ ثمّ مضطجعاً على جنبه الأيسر‏,‏ ويومئ بالركوع والسجود في الاضطجاع والاستلقاء‏.‏ فإن لم يقدر على شيءٍ وكان عقله ثابتاً‏:‏ فذهب المالكيّة والشّافعيّة وجمهور الحنابلة في المذهب إلى أنّه ينوي الصّلاة بقلبه مع الإيماء بطرفه لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم‏:‏ «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»‏,‏ ولوجود مناط التّكليف الّذي هو العقل‏.‏

وذهب الحنفيّة - ما عدا زفر - وهو قول عند المالكيّة‏,‏ ورواية عن أحمد اختارها ابن تيميّة إلى أنّه إن تعذّر الإيماء برأسه تسقط عنه الصّلاة لأنّ مجرّد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب‏.‏

وقال - زفر من الحنفيّة - إنّه إن تعذّر الإيماء برأسه يومئ بحاجبيه فإن عجز فبعينيه‏,‏ وإن عجز فبقلبه‏.‏

إلا أنّ سقوط الصّلاة عند جمهور الحنفيّة مقيّد بكثرة الفوائت على يومٍ وليلةٍ‏,‏ أمّا لو كانت يوماً وليلةً أو أقلّ وهو يعقل فلا تسقط بل تقضى إذا صحّ اتّفاقاً‏,‏ ولو مات ولم يقدر على الصّلاة لم يلزمه القضاء حتّى لا يلزمه الإيصاء بها‏,‏ كالمسافر إذا أفطر ومات قبل الإقامة‏.‏ وكذلك لو اشتبه على المريض أعداد الرّكعات والسّجدات بأن وصل إلى حالٍ لا يمكنه ضبط ذلك‏,‏ فصرّح الحنفيّة على أنّه لا يلزمه الأداء‏,‏ ولو أدّاها بتلقين غيره فينبغي أن يجزئه‏.‏ وصرّح الحنفيّة بأنّ المريض يفعل في صلاته من القراءة والتّسبيح والتّشهد ما يفعله الصّحيح‏,‏ لأنّ مفارقة المريض الصّحيح فيما هو عاجز عنه‏,‏ وأمّا فيما يقدر عليه فهو كالصّحيح‏.‏

وإن قضى المريض فوائت الصّحّة في المرض‏,‏ قضاها كما قدر قاعداً أو مومئاً‏.‏

وإن صلّى قبل الوقت خطأً أو عمداً مخافة أن يشغله المرض عن الصّلاة إذا حان الوقت‏,‏ لم يجزئه‏,‏ وكذلك لو صلّى بغير قراءةٍ أو بغير وضوءٍ‏.‏

وإذا كان المريض على فراشٍ نجسٍ إن كان لا يجد فراشًا طاهراً‏,‏ أو يجده لكن لا يجد أحداً يحوّله إلى فراشٍ طاهرٍ‏,‏ يصلّي على الفراش النّجس‏,‏ وإن كان يجد أحداً يحوّله‏,‏ ينبغي أن يأمره بذلك‏,‏ فإن لم يأمره‏,‏ وصلّى على الفراش النّجس لا تجوز صلاته‏.‏

وإن كانت تحته ثياب نجسة‏,‏ وكان بحال لا يبسط شيء إلا ويتنجّس من ساعته يصلّي على حاله‏,‏ وكذا إذا لم يتنجّس الثّاني لكن تلحقه زيادة مشقّةٍ بالتّحويل‏.‏

وتفصيل الكلام على كيفيّة صلاة المريض من قيامٍ وجلوسٍ واضطجاعٍ وغيرها وكذلك الكلام على العجز المؤقّت‏,‏ وطمأنينة المريض سبق ذكره في مصطلح‏:‏ ‏(‏صلاة المريض ف 2 - 16‏)‏‏.‏

وأمّا العجز عن استقبال القبلة لأجل المرض فينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏استقبال ف 38‏,‏ صلاة المريض ف 11‏)‏‏.‏

رابعاً‏:‏ التّخلف عن الجماعة وصلاة الجمعة والعيدين

10 - قال ابن المنذر‏:‏ لا أعلم خلافاً بين أهل العلم‏:‏ أنّ للمريض أنّ يتخلّف عن الجماعات من أجل المرض‏,‏ واستدلوا بما ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتّباعه عذر‏,‏ قالوا‏:‏ وما العذر ‏؟‏ قال‏:‏ خوف أو مرض لم تقبل منه الصّلاة الّتي صلّى»‏.‏

وقد كان بلال رضي الله عنه يؤذّن بالصّلاة‏,‏ ثمّ يأتي النّبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض فيقول‏:‏ «مروا أبا بكرٍ فليصلّ بالنّاس»‏.‏

وكل ما أمكن تصوره في الجمعة من الأعذار المرخّصة في ترك الجماعة‏,‏ يرخّص في ترك الجمعة‏,‏ إذ لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الصّحّة شرط من شروط وجوب صلاة الجمعة‏.‏ والمراد بالمرض هنا بصفة عامّةٍ هو المرض الّذي يشق معه الإتيان إلى المسجد‏,‏ وأمّا إن شقّ عليه معه الإتيان ماشياً لا راكباً فاختلف الفقهاء على النّحو التّالي‏:‏

صرّح المالكيّة والشّافعيّة ومحمّد من الحنفيّة بأنّه يلزمه الإتيان‏,‏ وقيّده المالكيّة بما إذا كانت الأجرة غير مجحفةٍ وإلا لم تجب عليه‏.‏

وذهب جمهور الحنفيّة إلى أنّه لا يجب عليه الحضور إلى الجماعة والجمعة في هذه الحالة‏,‏ وقيل‏:‏ لا يجب عند الحنفيّة اتّفاقاً كالمقعد‏.‏

وفرّق الحنابلة بين الجمعة والجماعة فقالوا‏:‏ إن تبرّع أحد بأن يركبه لزمته الجمعة لعدم تكررها دون الجماعة‏.‏

ولو حضر المريض الجمعة‏,‏ تنعقد به‏,‏ وإذا أدّاها أجزأه عن فرض الوقت‏,‏ لأنّ سقوط فرض السّعي عنه لم يكن لمعنىً في الصّلاة بل للحرج والضّرر‏,‏ فإذا تحمّل‏,‏ التحق في الأداء بغيره‏,‏ وصار كمسافر صام‏.‏

وصرّح الشّافعيّة‏:‏ بأنّه لا يجوز له الانصراف إذا حضر الجامع بعد دخول الوقت بل تلزمه الجمعة‏,‏ لأنّ المانع من وجوب الجمعة المشقّة في حضور الجامع وقد حضر متحمّلاً لها‏,‏ وإن كان يتخلّل زمن بين دخول الوقت والصّلاة‏,‏ فإن لم يلحقه مزيد مشقّةٍ في الانتظار لزمه وإلا لا‏.‏

ويندب للمريض الّذي يتوقّع الخفّة قبل فوات الجمعة تأخير ظهره إلى اليأس من إدراك الجمعة‏,‏ ويحصل اليأس برفع الإمام رأسه من ركوع الثّانية‏,‏ لأنّه قد يزول عذره قبل ذلك فيأتي بها كاملاً‏,‏ فلو لم يؤخّر‏,‏ وزال عذره بعد فعله الظهر لم تلزمه الجمعة وإن تمكّن منها‏.‏

ويندب لغيره ممّن لا يمكن زوال عذره كالمرأة والزّمن تعجيل الظهر ليحوز فضيلة أوّل الوقت‏.‏

والمرضى إذا فاتتهم الجمعة يصلونها ظهراً فرادى‏,‏ وتكره لهم الجماعة‏.‏

وخصّ بعض الفقهاء بعض الأمراض بالذّكر في التّخلف عن الجماعة‏:‏

فقال المالكيّة‏:‏ يجوز للجذم ترك الجماعة إن كان رائحتهم تضر بالمصلّين‏,‏ وكانوا لا يجدون موضعاً يتميّزون فيه‏,‏ أمّا لو وجدوا موضعاً يصح فيه الجمعة ويتميّزون فيه بحيث لا يلحق ضررهم بالنّاس فإنّها تجب عليهم اتّفاقاً‏,‏ لإمكان الجمع بين حقّ اللّه تعالى‏,‏ وحقّ النّاس‏,‏ وما قيل في الجذام يقال في البرص‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ ويندب للإمام منع صاحب البرص والجذام من المساجد‏,‏ ومخالطة النّاس والجمعة والجماعات‏.‏

11 - وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الممرّض يلحق بالمريض في التّخلف عن الجمعة والجماعات‏,‏ واختلفوا في التّفاصيل‏:‏

فقال الحنفيّة في الأصحّ‏:‏ يجوز للممرّض التّخلف إن بقي المريض ضائعاً بخروجه‏.‏

وقيّده المالكيّة بالقريب الخاصّ وقالوا‏:‏ يجوز تخلف ممرّض القريب الخاصّ عن الجماعة مطلقاً‏,‏ كولد‏,‏ ووالدٍ وزوجٍ‏,‏ وتخلف ممرّض الأجنبيّ عنها بشرطين‏:‏ أن لا يكون له من يقوم به‏,‏ وأن يخشى عليه الضّيعة لو ترك‏,‏ كالعطش أو الجوع‏,‏ أو الوقوع في نارٍ أو مهواةٍ‏,‏ أو التّمرغ في نجاسةٍ‏.‏

وألحق المالكيّة في المعتمد ممرّض القريب غير الخاصّ - كالعمّ وابن العمّ - بالأجنبيّ‏,‏ خلافاً لابن الحاجب حيث جعل تمريض القريب مطلقاً عذراً لإباحة ترك الجماعة من غير اعتبار شيءٍ من القيدين المعتبرين في تمريض الأجنبيّ‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يجوز التّخلف عن الجمعة والجماعة لممرّض مريضٍ قريبٍ بلا متعهّدٍ‏,‏ أو له متعهّد‏,‏ لكنّ المريض يأنس به لتضرر المريض بغيبته‏,‏ فحفظه أو تأنيسه أفضل من حفظ الجماعة‏,‏ والمملوك والزّوجة وكل من له مصاهرة‏,‏ والصّديق‏,‏ والأستاذ كالقريب‏,‏ بخلاف الأجنبيّ الّذي له متعهّد‏,‏ أمّا الأجنبي الّذي لا متعهّد له‏,‏ فالحضور عنده عذر لجواز التّخلف عن الجماعة‏,‏ وكذلك إذا كان المتعهّد مشغولاً بشراء الأدوية - مثلاً - عن الخدمة فوجوده كالعدم‏.‏

ويرى الحنابلة أنّه يعذر بترك الجمعة والجماعة ممرّض القريب أو الرّفيق وقيّدوه بأن لا يكون معه من يقوم مقامه‏,‏ لأنّ ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيدٍ وهو يتجمّر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة‏,‏ قال الرّحيبانيّ‏:‏ قال في الشّرح‏:‏ ولا نعلم في ذلك خلافاً‏.‏

قال ابن قدامة‏:‏ وهذا مذهب عطاءٍ والحسن والأوزاعيّ‏.‏

12 - ويباح للمرضى التّخلف عن صلاة العيدين كالجمعة والجماعة عند من يقول‏:‏ إنّها واجبة على الأعيان وهم الحنفيّة‏,‏ أو سنّة مؤكّدة على الأعيان وهم المالكيّة‏,‏ وجمهور الشّافعيّة ورواية عن الحنابلة‏.‏

ولا يتأتّى ذلك عند الحنابلة في ظاهر المذهب إذ أنّها فرض على الكفاية‏.‏

خامساً‏:‏ الجمع بين الصّلاتين للمرض

13 - اختلف الفقهاء في جواز الجمع بين الصّلاتين للمريض‏:‏

فذهب الحنفيّة والشّافعيّة في المشهور من المذهب إلى عدم الجواز‏,‏ واستدلّ الحنفيّة بما روي في الصّحيحين عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال‏:‏ «ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صلّى صلاةً إلا لميقاتها إلا صلاتين‏:‏ صلاة المغرب والعشاء بجمع وصلّى الفجر يومئذٍ قبل ميقاتها»، ولأنّ أوقات الصّلاة قد ثبتت بلا خلافٍ‏,‏ ولا يجوز إخراج صلاةٍ عن وقتها إلا بنصّ غير محتملٍ‏,‏ إذ لا ينبغي أن يخرج عن أمرٍ ثابتٍ بأمر محتملٍ‏.‏

وقال الشّافعيّة في المشهور عندهم‏:‏ لا يجمع لمرض لأنّه لم ينقل‏,‏ ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح‏.‏

وذهب الحنابلة وجمهور المالكيّة وبعض الشّافعيّة - وهو ما اختاره النّووي - إلى جواز الجمع بين الصّلاتين للمريض‏,‏ واستدلوا بما ورد عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه ما قال‏:‏ «جمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر‏,‏ والمغرب والعشاء من غير خوفٍ ولا مطرٍ» وفي روايةٍ‏:‏ «من غير خوفٍ ولا سفرٍ»‏.‏

والمراد بالمرض المبيح للجمع عند الحنابلة كما صرّح به ابن القيّم هو ما يلحقه بتأدية كلّ صلاةٍ في وقتها مشقّة وضعف‏.‏

وعند المالكيّة‏:‏ يجمع إن خاف أن يغلب على عقله‏,‏ أو إن كان الجمع أرفق به‏.‏

وقال الدّردير‏:‏ من خاف إغماءً أو حمّى نافضاً أو دوخةً عند دخول وقت الصّلاة الثّانية - العصر أو العشاء - قدّم الثّانية عند الأولى جوازاً على الرّاجح‏,‏ فإن سلم من الإغماء وما بعده وكان قد قدّم الثّانية أعاد الثّانية بوقت ضروريٍّ‏.‏

وعند الشّافعيّة القائلين بجواز الجمع للمرض يشترط أن يكون المرض ممّا يبيح الجلوس في الفريضة على الأوجه‏.‏

وقال ابن حبيبٍ وابن يونس من المالكيّة‏:‏ يجمع جمعاً صورياً‏,‏ وهو أن يجمع آخر وقت الظهر وأوّل وقت العصر‏,‏ ويحصل له فضيلة أوّل الوقت‏.‏

والمريض - عند الحنابلة والشّافعيّة القائلين بجوار الجمع - مخيّر في التّقديم والتّأخير وله أن يراعي الأرفق بنفسه‏,‏ فإن كان يحم مثلاً في وقت الثّانية قدّمها إلى الأولى بشروطها‏,‏ وإن كان يحم في وقت الأولى‏,‏ أخّرها إلى الثّانية‏.‏

سادساً‏:‏ الفطر في رمضان

14 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرض من مبيحات الإفطار في الجملة‏,‏ والأصل فيه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏‏.‏

واختلفوا في تحديد المرض الّذي يبيح الإفطار‏:‏

قال ابن قدامة‏:‏ المرض لا ضابط له‏,‏ فإنّ الأمراض تختلف‏:‏ منها ما يضر صاحبه الصّوم‏,‏ ومنها ما لا أثر للصّوم فيه كوجع الضّرس‏,‏ وجرحٍ في الأصبع‏,‏ والدمّل‏,‏ والقرحة اليسيرة‏,‏ والجرب وأشباه ذلك‏,‏ فلم يصلح المرض ضابطاً‏,‏ وأمكن اعتبار الحكمة‏,‏ وهو ما يخاف منه الضّرر‏.‏

ويقرب من هذا ما قاله الكاساني‏:‏ إنّ مطلق المرض ليس بسبب للرخصة‏,‏ لأنّ الرخصة بسبب المرض والسّفر لمعنى المشقّة بالصّوم تيسيراً للمريض والمسافر وتخفيفاً عليهما‏,‏ ومن الأمراض ما ينفعه الصّوم ويخفه‏,‏ ويكون الصّوم على المريض أسهل من الأكل‏,‏ بل الأكل يضره ويشتد عليه‏,‏ ومن التّعبد التّرخص بما يسهل على المريض تحصيله‏,‏ والتّضييق بما يشتد عليه‏.‏

وكذلك اختلفوا فيما إذا نوى المريض في رمضان واجباً آخر‏:‏

فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة‏,‏ وأبو يوسف ومحمّد وقيل وهو الأصح عند أبي حنيفة إلى أنّه لا يجوز لمريض أبيح له الفطر أن يصوم في رمضان عن غيره من قضاءٍ ونذرٍ وغيرهما‏,‏ لأنّ الفطر أبيح تخفيفاً ورخصةً‏,‏ فإذا لم يؤدّه‏,‏ لزمه الإتيان بالأصل‏,‏ ولأنّ الرخصة لاحتمال تضرره وعجزه‏,‏ فإذا صام انتفى ذلك فصار كالصّحيح‏,‏ ولأنّ أيّام رمضان متعيّنة لصومه‏,‏ فله التّرخص بالفطر أو الصّيام عن رمضان‏.‏

إلا أنّه عند الجمهور يلغو صومه ولا يجزئ عن واحدٍ منهما‏,‏ وعند الحنفيّة يقع عن رمضان سواء نوى واجباً آخر أو لم ينو‏.‏

وذهب أبو حنيفة في رواية الكرخيّ إلى أنّه إن نوى واجباً آخر وقع عنه‏,‏ وإلا وقع عن رمضان‏,‏ لأنّ الشّارع خصّ له ليصرفه إلى ما هو الأهم عنده من الصّوم أو الفطر‏,‏ فصار كشعبان في حقّ غيره‏,‏ فلمّا نوى واجباً آخر تبيّن أنّه الأهم عنده‏,‏ فيقع عنه‏.‏

والكلام على خوف المريض زيادة مرضه بالصّوم‏,‏ أو إبطاء البرء أو فساد عضوٍ‏,‏ وخوف الصّحيح المرض أو الشّدّة أو الهلاك وحكم الإفطار في كلّ حالةٍ‏,‏ وكيفيّة القضاء بالنّسبة لمن فاته صوم رمضان‏,‏ سبق ذكره في مصطلح‏:‏ ‏(‏صوم ف 26‏,‏ 55‏,‏ 56‏,‏ 86‏,‏ 87‏)‏‏.‏

وألحق بالمريض الحامل والمرضع فيجوز لهما الفطر بشروط معيّنةٍ ينظر تفصيلها في مصطلح‏:‏ ‏(‏صوم ف 62‏)‏‏.‏

الخروج من الاعتكاف لعيادة المريض

15 - ذهب الأئمّة الثّلاثة وهو رواية عن أحمد وبه قال عطاء وعروة ومجاهد والزهري إلى أنّه لا يجوز للمعتكف اعتكافاً واجباً أن يخرج من معتكفه لعيادة المريض‏,‏ واستدلوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ «كان النّبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف‏,‏ فيمر كما هو ولا يعرّج يسأل عنه»‏.‏

وفي رواية الأثرم ومحمّد بن الحكم عن أحمد‏:‏ يجوز له أن يعود المريض ولا يجلس‏,‏ قال ابن قدامة‏:‏ وهو قول عليٍّ رضي الله تعالى عنه وبه قال سعيد بن جبيرٍ والنّخعيّ والحسن واستدلوا بما روى عاصم بن خمرة عن عليٍّ رضي الله عنه قال‏:‏ إذا اعتكف الرّجل فليشهد الجمعة‏,‏ وليعد المريض‏,‏ وليحضر الجنازة‏,‏ وليأت أهله‏,‏ وليأمرهم بالحاجة وهو قائم‏.‏ وأمّا إن كان الاعتكاف تطوعاً ففي المذهب الحنفيّ روايتان‏:‏

أ - يفسد الاعتكاف‏,‏ وهو رواية الحسن بن زيادٍ عن أبي حنيفة لأنّه مقدّر بيوم كالصّوم‏,‏ ولهذا قال‏:‏ إنّه لا يصح بدون الصّوم كالاعتكاف الواجب‏,‏ ولأنّ الشروع في التّطوع موجب للإتمام على أصل الحنفيّة صيانةً للمؤدّى عن البطلان كما في صوم التّطوع‏,‏ وبه قال المالكيّة‏.‏

ب - لا يفسد وهو رواية الأصل‏,‏ لأنّ اعتكاف التّطوع غير مقدّرٍ‏,‏ فله أن يعتكف ساعةً من نهارٍ‏,‏ أو نصف يومٍ أو ما شاء من قليلٍ أو كثيرٍ ويخرج‏,‏ فيكون معتكفاً ما أقام‏,‏ تاركاً ما خرج‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يجوز الخروج لعيادة المريض‏,‏ لأنّ كلّ واحدٍ منهما تطوع فلا يتحتّم واحد منها‏,‏ لكنّ الأفضل المقام على اعتكافه‏,‏ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرّج على المريض‏,‏ ولم يكن الاعتكاف واجباً عليه‏.‏

وأمّا الخروج من الاعتكاف للمرض ونحوه فتفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏اعتكاف‏:‏ ف 33‏,‏ 36‏,‏ 37‏)‏‏.‏

الاستنابة في الحجّ والعمرة للمرض

16 - اتّفق الفقهاء على أنّ سلامة البدن من الأمراض والعاهات الّتي تعوق عن الحجّ شرط لوجوب الحجّ‏.‏

واختلفوا هل هي شرط لأصل الوجوب كما قال به أبو حنيفة ومالك وهو رواية عن محمّدٍ وأبي يوسف، أو شرط للأداء بالنّفس كما قال به الشّافعيّة والحنابلة وهو ظاهر الرّواية عن الصّاحبين‏.‏

وعلى هذا فمن وجدت فيه شروط وجوب الحجّ‏,‏ ولكن كان عاجزاً عنه لمانع لا يرجى زواله‏,‏ كزمانة أو مرضٍ لا يرجى برؤه‏,‏ أو كان مهزول الجسم لا يقدر على الثبوت على الرّاحلة إلا بمشقّة غير محتملةٍ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يلزمه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر إذا وجد من ينوب عنه‏,‏ ومالاً يستنيبه به‏.‏

واستدلوا بما روي عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما‏:‏ «أنّ امرأةً من خثعمٍ قالت‏:‏ يا رسول اللّه إنّ فريضة اللّه على عباده في الحجّ أدركت أبي شيخًا كبيراً لا يثبت على الرّاحلة أفأحج عنه ‏؟‏ قال‏:‏ نعم وذلك في حجّة الوداع»‏.‏

وقال مالك وأبو حنيفة في روايةٍ‏:‏ لا حجّ عليه إلا أن يستطيع بنفسه‏,‏ واستدلوا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً‏}‏‏,‏ وهذا غير مستطيعٍ‏,‏ ولأنّ هذه عبادة لا تدخلها النّيابة مع القدرة‏,‏ فلا تدخلها مع العجز كالصّوم والصّلاة‏.‏

وإذا عوفي من مرضه بعد ما أحجّ غيره عن نفسه‏,‏ يلزمه حج آخر عند الحنفيّة والشّافعيّة وابن المنذر من الحنابلة‏,‏ لأنّ هذا الحجّ بدل إياسٍ‏,‏ فإذا برأ تبيّن أنّه لم يكن مأيوساً منه‏,‏ فلزمه الأصل‏,‏ قياساً على الآيسة إذا اعتدّت بالشهور‏,‏ ثمّ حاضت لا يجزئها تلك العدّة‏.‏ وذهب الحنابلة إلى أنّه لم يجب عليه الحج‏,‏ وبه قال إسحاق لأنّه أتى بما أمر به‏,‏ فخرج من العهدة كما لو لم يبرأ‏,‏ ولأنّه أدّى حجّة الإسلام بأمر الشّارع فلم يلزمه حج ثانٍ كما لو حجّ بنفسه‏.‏

وإن لم يجد مالاً يستنيب به فلا حجّ عليه بغير خلافٍ‏,‏ لأنّ الصّحيح لو لم يجد ما يحج به لم يجب عليه فالمريض أولى‏.‏

17 - وأمّا إن كان مريضاً يرجى زوال مرضه‏:‏

فقال الحنفيّة‏:‏ حج الفرض يقبل النّيابة عند العجز فقط لكن بشرط دوام العجز إلى الموت لأنّه فرض العمر حتّى تلزم الإعادة بزوال العذر الّذي يرجى زواله كالمرض‏.‏

هذا بالنّسبة لحجّة الإسلام والحجّة المنذورة‏,‏ وأمّا الحج النّفل فيقبل النّيابة من غير اشتراط عجزٍ فضلاً عن دوامه‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ ليس له أن يستنيب من يحج عنه فإن استناب فحجّ النّائب فشفي لم يجزئه قطعاً وإن مات فقولان‏:‏ أظهرهما لا يجزئه‏.‏

ولو كان غير مرجوّ الزّوال فأحجّ عنه ثمّ شفي فطريقان‏:‏ أصحهما طرد القولين‏,‏ والثّاني‏:‏ القطع بعدم الإجزاء‏.‏

وقالوا‏:‏ إنّ حجّ التّطوع لا يجوز الاستنابة فيه عن القادر قطعاً‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنّه ليس له أن يستنيب‏,‏ فإن فعل لم يجزئه وإن لم يبرأ‏,‏ لأنّه يرجو القدرة على الحجّ بنفسه فلم يكن له الاستنابة‏,‏ ولا تجزئه إن فعل كالفقير‏,‏ ولأنّ النّصّ إنّما ورد في الحجّ عن الشّيخ الكبير وهو ممّن لا يرجى منه الحج بنفسه‏,‏ فلا يقاس عليه إلا من كان مثله‏.‏

18 - وإذا مرض المأمور بالحجّ في الطّريق‏,‏ فصرّح الحنفيّة بأنّه ليس له دفع المال إلى غيره ليحجّ عن الآمر‏,‏ إلا إذا أذن له بذلك‏,‏ بأن قيل له وقت الدّفع‏:‏ اصنع ما شئت‏,‏ فيجوز له ذلك مرض أو لا‏,‏ لأنّه يصير وكيلاً مطلقاً‏.‏

وللنّيابة في الحجّ شروط تنظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏نيابة‏)‏‏.‏

19 - وأمّا النّيابة عن المريض في الرّمي فيجوز في الجملة‏.‏

وتفصيله في‏:‏ ‏(‏حج ف 66‏)‏‏.‏

20 - وحكم طواف المريض سبق في مصطلح‏:‏ ‏(‏طواف ف 11‏,‏ 16‏)‏‏,‏ وكذا حكم سعيه في مصطلح‏:‏ ‏(‏سعي ف 14‏)‏‏.‏

جهاد المريض

21 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يجب الجهاد على من به مرض يمنعه من القتال وما يلزم له‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏جهاد ف 21‏)‏‏.‏

التّأخير في إقامة الحدود للمرض

22 - المرض إمّا أن يكون ممّا يرجى برؤه أو ممّا لا يرجى برؤه‏,‏ والحد بالنّسبة للمريض إمّا أن يكون الرّجم‏,‏ أو الجلد أو القطع‏:‏ فإن كان الحد الرّجم فالصّحيح الّذي قطع به الجمهور هو أنّه لا يؤخّر مطلقاً أياً كان نوع المرض‏,‏ لأنّ نفسه مستوفاة‏,‏ فلا فرق بينه وبين الصّحيح‏.‏

وإن كان الحد الجلد أو القطع والمرض ممّا يرجى برؤه‏:‏ فيرى الأئمّة الثّلاثة والخرقيّ من الحنابلة تأخيره‏,‏ وقال جمهور الحنابلة‏:‏ يقام الحد ولا يؤخّر‏.‏

وإن كان المرض ممّا لا يرجى برؤه‏,‏ أو كان الجاني ضعيفاً بالخلقة لا يحتمل السّياط فهذا يقام عليه الحد في الحال ولا يؤخّر‏,‏ ويضرب بسوط يؤمن معه التّلف كالقضيب الصّغير‏,‏ وشمراخ النّخل‏,‏ فإن خيف عليه من ذلك جمع ضغثاً فيه مائة شمراخٍ فضرب به ضربةً واحدةً‏.‏

قال ابن قدامة‏:‏ وأنكره مالك استدلالاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ‏}‏ وهذا ضربة واحدة‏.‏

هذا فيما إذا كان الواجب هو الجلد‏,‏ وأمّا في السّرقة فقد صرّح الشّافعيّة بأنّه يقطع في هذه الحالة على الصّحيح لئلا يفوت الحد‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلحي‏:‏ ‏(‏حدود ف 41‏,‏ وجلد ف 13‏)‏‏.‏

التّأخير في استيفاء القصاص للمرض

23 - فرّق المالكيّة بين قصاص النّفس والأطراف في التّأخير‏,‏ فقالوا‏:‏ يجب تأخير القصاص من الجاني فيما دون النّفس لبرء المجنيّ عليه من مرضٍ خيف من القطع معه الموت‏,‏ لاحتمال أن يأتي جرحه على النّفس‏,‏ فتؤخذ النّفس فيما دونها‏.‏

وكذلك تؤخّر دية الجرح الخطأ لبرئه‏,‏ خوف سريانه للموت‏,‏ فيجب دية كاملة‏,‏ وتندرج فيها دية الجرح‏.‏

ولا يؤخّر القصاص في النّفس‏,‏ وهذا في غير المحارب‏,‏ لأنّ المحارب إذا اختير قطعه من خلافٍ‏,‏ فلا يؤخّر بل يقطع من خلافٍ‏,‏ ولو أدّى لموته‏,‏ إذ القتل أحد حدوده‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ يجوز للمستحقّ أن يقتصّ على الفور في النّفس جزماً وفي الطّرف على المذهب لأنّ القصاص موجب الإتلاف فيتعجّل كقيم المتلفات‏,‏ والتّأخير أولى لاحتمال العفو‏.‏ ويقتص في المرض‏,‏ وكذا لا يؤخّر الجلد في القذف‏.‏

إمامة المريض والاقتداء به

24 - فرّق الفقهاء بين إمامة من هو عاجز عن أداء ركنٍ من أركان الصّلاة كالركوع أو السجود أو القيام‏,‏ ومن لا يقدر على ذلك بل يصلّي بالإيماء‏,‏ واختلفوا في كلٍّ على أقوالٍ سبق تفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏اقتداء ف 40‏)‏‏.‏

زكاة مال المريض

25 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ المرض ليس مانعاً من وجوب الزّكاة‏,‏ لأنّ الصّحّة ليست شرطاً لوجوب الزّكاة بصفة عامّةٍ‏.‏

واختلفوا في وجوبه في مال المجنون‏,‏ والجنون أيضاً مرض‏,‏ بل من أصعب أمراض النّفوس جنونها - كما ذكره ابن عابدين -‏:‏

فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الزّكاة تجب في مال المجنون‏,‏ وذلك لوجود الشّرائط الثّلاثة فيه وهي‏:‏ الحرّيّة والإسلام وتمام الملك‏.‏

وروي ذلك عن عمر وعليٍّ وابن عمر وعائشة والحسن بن عليٍّ وجابرٍ رضي الله عنهم وبه قال جابر بن زيدٍ وابن سيرين وعطاء ومجاهد وربيعه وإسحاق وأبو عبيدٍ وأبو ثورٍ وغيرهم من أهل العلم‏.‏

ويخرج الزّكاة عن المجنون وليه في ماله‏,‏ لأنّ ذلك حق تدخله النّيابة‏,‏ فقام الولي فيه مقام المولّى عليه كالنّفقات والغرامات‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا تجب الزّكاة في أموال المجنون ويجب العشر في زروعه‏,‏ وصدقة الفطر عليه‏,‏ وبه قال الحسن وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبيرٍ وأبو وائلٍ والنّخعيّ وغيرهم‏.‏

وفيه قول ثالث حكاه ابن قدامة عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه والثّوريّ والأوزاعيّ وهو أنّه تجب الزّكاة ولا تخرّج حتّى يفيق‏.‏

وفي الموضوع تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏زكاة ف 11‏,‏ وجنون ف 14‏)‏‏.‏

أثر مرض أحد الزّوجين في خلوة النّكاح

26 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه لا تصح الخلوة إن كان أحد الزّوجين مريضاً‏,‏ والمراد من المرض عندهم في جانبها‏:‏ ما يمنع الجماع‏,‏ أو يلحقه به ضرر‏,‏ فالمرض يتنوّع في جانب المرأة بلا خلافٍ‏,‏ وأمّا من جانبه فقد قيل‏:‏ إنّه يتنوّع أيضاً‏,‏ وقيل‏:‏ إنّه غير متنوّعٍ‏,‏ وإنّه يمنع صحّة الخلوة على كلّ حالٍ‏,‏ وجميع أنواعه في ذلك على السّواء‏,‏ قال البابرتيّ نقلاً عن الصّدر الشّهيد‏:‏ إنّه هو الصّحيح‏,‏ لأنّ مرض الزّوج لا يعرّى عن تكسرٍ وفتورٍ عادةً‏,‏ قال الموصليّ‏:‏ وكذا إذا كان يخاف زيادة المرض‏.‏

ولا يتأتّى ذلك على المذاهب الأخرى‏:‏ لأنّه لا عبرة للخلوة الصّحيحة في وجوب كمال المهر عند الشّافعيّة في الجديد‏,‏ ولا عبرة للموانع عند المالكيّة سواء كانت الخلوة خلوة الاهتداء‏,‏ أو خلوة الزّيارة‏,‏ وكذلك عند الحنابلة في المشهور من المذهب يجب كمال المهر بالخلوة مطلقاً ولا عبرة للموانع أياً كانت‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏خلوة في 14 - 17‏)‏‏.‏

قسم الزّوج المريض والقسم للزّوجة المريضة

27 - اتّفق الفقهاء على أنّ الزّوج المريض يقسم بين زوجاته كالصّحيح‏,‏ لأنّ القسم للصحبة والمؤانسة وذلك يحصل من المريض كما يحصل من الصّحيح‏.‏

واختلفوا فيما لو شقّ على المريض الطّواف بنفسه على زوجاته‏.‏

وتفصيله في مصطلح‏:‏ ‏(‏قسم بين الزّوجات ف 10‏)‏‏.‏

وكذلك اتّفق الفقهاء على أنّ المريضة والصّحيحة في القسم سواء‏.‏

التّفريق بين الزّوجين بسبب المرض

28 - ذهب الفقهاء إلى مشروعيّة التّفريق بين الزّوجين لعيوب منها المرض المنصوص عليه فيها‏.‏

وذلك على خلافٍ بينهم وتفصيلٍ ينظر في‏:‏ ‏(‏طلاق ف 93 وما بعدها‏,‏ وجنون ف 22‏,‏ وجذام ف 4‏,‏ وبرص ف 3‏)‏‏.‏

طلاق المريض

29 - اتّفق الفقهاء على صحّة طلاق المريض مطلقاً سواء أكان مرض موتٍ أم غيره ما دام لا أثر له في القوى العقليّة للمريض‏,‏ فإن أثّر فيها دخل في باب الجنون والعته وغيرهما من عوارض الأهليّة‏.‏

إلا أنّ المريض مرض موتٍ بخاصّة إذا طلّق زوجته المدخول بها في مرضه بغير طلبٍ منها أو رضاً طلاقاً بائناً ثمّ مات وهي في عدّتها من طلاقه هذا فإنّه يعد فاراً من إرثها حكماً‏.‏ وللفقهاء في ذلك تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏طلاق ف 24‏,‏ 66‏,‏ مرض الموت‏)‏‏.‏

خلع المريض

30 - اتّفق الفقهاء على أنّ مرض الزّوجة أو الزّوج لا يمنع من صحّة الخلع‏,‏ وإن كان المرض مرض الموت‏.‏

واختلفوا في القدر الّذي يأخذه الزّوج في مقابل الخلع إذا خالعته في مرضها وماتت‏,‏ مخافة أن تكون الزّوجة راغبةً في محاباته على حساب الورثة‏.‏

وللفقهاء في ذلك تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏خلع ف 18‏,‏ 19 مرض الموت‏)‏‏.‏

حضانة المريض

31 - الحضانة من الولايات‏,‏ والغرض منها صيانة المحضون ورعايته وهذا لا يتأتّى إلا إذا كان الحاضن أهلاً لذلك‏.‏

ولهذا يشترط الفقهاء شروطاً خاصّةً لا تثبت الحضانة إلا لمن توفّرت فيه‏,‏ ومنها القدرة على القيام بشأن المحضون‏,‏ فلا حضانة لمن كان عاجزاً عن ذلك لمرض يعوق هذه القدرة أو عاهةٍ كالعمى والخرس والصّمم‏.‏

ومنها أن لا يكون بالحاضن مرض معدٍ أو منفّر يتعدّى ضرره إلى المحضون كالجذام‏,‏ والبرص وشبه ذلك‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏حضانة ف 14‏)‏‏.‏

إيلاء المريض

32 - ذهب الفقهاء إلى أنّ المريض الّذي يتأتّى منه الوطء‏,‏ وينعقد إيلاؤه بأن يكون من أهل الطّلاق‏,‏ إذا آلى من زوجته وعجز عن الفيء إليها بالفعل - وهو الجماع - فإنّ الفيء يتأتّى منه بالقول‏,‏ وذلك بشروط تفصيلها في مصطلح‏:‏ ‏(‏إيلاء ف 24‏)‏‏.‏

نفقة الزّوجة المريضة والأولاد المرضى والقريب المريض

33 - المذهب الصّحيح والمفتى به عند الحنفيّة وجوب النّفقة للزّوجة المريضة قبل النّقلة أو بعدها‏,‏ أمكنه جماعها أو لا‏,‏ معها زوجها أو لا‏,‏ حيث لم تمنع نفسها إذا طلب نقلتها‏,‏ فلا فرق بينها وبين الصّحيحة لوجود التّمكين من الاستمتاع كما في الحائض والنفساء‏,‏ إلا إذا كان مرضها مانعاً من النّقلة فلا نفقة لها‏,‏ وإن لم تمنع نفسها‏,‏ لعدم التّسليم بالكلّيّة‏.‏ وإن أمكن نقلها إلى بيت الزّوج فلم تنتقل فلا نفقة لها‏,‏ لمنع نفسها عن النّقلة مع القدرة‏,‏ بخلاف ما إذا لم تقدر أصلاً‏.‏

وبوجوب النّفقة للزّوجة المريضة إذا بذلت نفسها البذل التّامّ‏,‏ والتّسليم الممكن‏,‏ وأمكنته من الاستمتاع بها من بعض الوجوه‏,‏ قال الشّافعيّة والحنابلة‏,‏ وهو المتبادر من كلام المالكيّة‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلح‏:‏ ‏(‏نفقة‏)‏‏.‏

34 - وأمّا نفقة الأولاد الكبار المرضى فصرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّه تجب النّفقة للولد الكبير العاجز عن الكسب كمن به مرض مزمن يمنعه من الكسب‏,‏ وهو المشهور عند المالكيّة‏.‏

وقيل‏:‏ تنتهي النّفقة عند المالكيّة إلى البلوغ كالصّحيح‏.‏

وتجب نفقة الأنثى مطلقاً‏,‏ وإن كانت غير مريضةٍ‏,‏ لأنّ مجرّد الأنوثة عجز‏.‏

35 - وذهب الحنفيّة إلى أنّه يلزم القريب نفقة كلّ ذي رحمٍ محرّمٍ إذا كان عاجزاً عن الكسب‏,‏ واختاره ابن تيميّة من الحنابلة، لأنّه من صلة الرّحم وهو عام‏.‏

أمّا الأقارب الّذين يرثون بفرض أو تعصيبٍ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يلزم نفقة القريب لنقص في الخلقة كالزّمن والمريض‏.‏

وقال المالكيّة لا تجب نفقة القريب على القريب ما عدا الأبوين بشرط أن يكونا فقيرين‏,‏ ولا يشترط عجزهما عن الكسب‏,‏ ولا يجب ما وراء ذلك‏.‏

وينظر تفصيل ذلك في مصطلح ‏(‏نفقة‏)‏‏.‏

إقرار المريض وقضاؤه

36 - الأصل أنّ المرض ليس بمانع من صحّة الإقرار في الجملة‏,‏ إذ الصّحّة ليست شرطاً في المقرّ لصحّة الإقرار‏,‏ لأنّ صحّة إقرار الصّحيح برجحان جانب الصّدق على جانب الكذب‏,‏ وحال المريض أدل على الصّدق فكان إقراره أولى بالقبول‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏إقرار ف 24‏)‏‏.‏

37 - وأمّا قضاء المريض فاختلف الفقهاء في تولية المريض وكذلك عزله وطريقة عزله‏,‏ ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏قضاء ف 18‏,‏ 63‏,‏ 65‏)‏‏.‏

الحجر على المريض

38 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المرض المتّصل بالموت سبب من أسباب الحجر‏,‏ وتحجر على صاحب هذا المرض تبرعاته فيما زاد عن ثلث تركته‏,‏ فإذا تبرّع بما زاد عن الثلث كان له حكم الوصيّة إذا مات‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏مرض الموت‏)‏‏.‏

عيادة المريض

39 - اختلف الفقهاء في حكم عيادة المريض على أقوالٍ‏:‏

فذهب الجمهور إلى أنّها سنّة أو مندوبة‏,‏ وقد تصل إلى الوجوب في حقّ بعض الأفراد‏.‏ وقال المالكيّة‏:‏ إنّها مندوبة إذا قام بها الغير وإلا وجبت لأنّها من الأمور الواجبة على الكفاية‏,‏ إلا على من تجب نفقته عليه فتجب عيادته عليه عيناً‏.‏

والتّفصيل في‏:‏ ‏(‏عيادة ف 2‏)‏‏.‏

ما يستحب للمريض

40 - قال الرّمليّ‏:‏ يندب للمريض ندباً مؤكّداً أن يذكر الموت بقلبه ولسانه‏,‏ بأن يجعله نصب عينيه‏,‏ وأن يستعدّ له بالتّوبة بترك الذّنب‏,‏ والنّدم عليه‏,‏ وتصميمه على أن لا يعود إليه‏,‏ والخروج من المظالم كأداء دينٍ وقضاء فوائت وغيرهما‏,‏ ومعنى الاستعداد لذلك المبادرة إليه لئلا يفاجئه الموت المفوّت له‏.‏

ويسن له الصّبر على المرض‏,‏ أي ترك التّضجر منه وأن يتعهّد نفسه بتلاوة القرآن‏,‏ والذّكر‏,‏ وحكايات الصّالحين وأحوالهم وأن يوصي أهله بالصّبر وترك النّوح ونحوه‏,‏ وأن يحسّن خلقه‏,‏ وأن يجتنب المنازعة في أمور الدنيا‏,‏ وأن يسترضي من له به علقة كخادم وزوجةٍ‏,‏ وولدٍ‏,‏ وجارٍ‏,‏ ومعاملٍ‏,‏ وصديقٍ‏.‏

ويكره للمريض كثرة الشّكوى‏,‏ إلا إذا سأله طبيب أو قريب‏,‏ أو صديق عن حاله فأخبره بما هو فيه من الشّدّة‏,‏ لا على صورة الجزع‏.‏

ولا يكره له الأنين لكنّ اشتغاله بنحو التّسبيح أولى منه‏,‏ فالأنين خلاف الأولى‏.‏

قال ابن قدامة‏:‏ إذا مرض استحب له أن يصبر ويكره الأنين لما روي عن طاووسٍ أنّه كرهه‏.‏

تداوي المريض

41 - التّداوي مشروع من حيث الجملة‏.‏

واختلف الفقهاء في حكمه‏:‏

فذهب جمهور الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ التّداوي مباح‏.‏

وذهب الشّافعيّة والقاضي وابن عقيلٍ وابن الجوزيّ من الحنابلة إلى استحبابه‏.‏

ومحل الاستحباب عند الشّافعيّة عند عدم القطع بإفادته‏,‏ أمّا لو قطع بإفادته كعصب محلّ الفصد فإنّه واجب‏.‏

وجمهور الحنابلة على أنّ ترك التّداوي أفضل لأنّه أقرب إلى التّوكل‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏تداوي ف 5 وما بعدها‏)‏‏.‏

عدوى المرض

42 - اختلف الفقهاء في إثبات عدوى المرض أو نفيها على أقوالٍ ثلاثةٍ‏:‏

فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المرض لا يعدي بطبعه‏,‏ وإنّما بفعل اللّه تعالى وقدره‏.‏

وذهب فريق إلى القول بنفي العدوى‏.‏

ويرى فريق آخر القول بإثبات العدوى‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدوى ف 3‏)‏‏.‏

التّضحية بالمريضة

43 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يشترط في الأضحيّة سلامتها من العيوب الفاحشة وهي العيوب الّتي من شأنها أنّ تنقص الشّحم أو اللّحم‏,‏ ومنها المرض البيّن‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏أضحيّة ف 26 وما بعدها‏)‏‏.‏

أخذ المريضة في الزّكاة

44 - ذهب الفقهاء إلى أنّه ينبغي أن يكون المأخوذ في الزّكاة من وسط مال الزّكاة‏,‏ وهذا يقتضي أمرين‏:‏

الأوّل‏:‏ أن يتجنّب السّاعي طلب خيار المال‏,‏ ما لم يخرجه المالك طيّبةً به نفسه‏.‏

الأمر الثّاني‏:‏ أن لا يكون المأخوذ من شرار المال ومنه المعيبة والهرمة والمريضة‏,‏ لكن إن كانت كلها معيبةً أو هرمةً أو مريضةً‏,‏ فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه يجوز إخراج الواجب منها‏,‏ وقيل‏:‏ يكلّف شراء صحيحةٍ‏,‏ وقيل‏:‏ يخرج صحيحةً مع مراعاة القيمة‏.‏

حبس المريض

45 - اختلف الفقهاء في حبس المريض‏,‏ وإخراجه من السّجن إذا خيف عليه‏.‏

والتّفصيل في مصطلح‏:‏ ‏(‏حبس ف 109 - 110‏)‏‏.‏

الموسوعة الفقهية / نهاية الجزء السادس والثلاثين